حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي غير الحاج وحكم إذالتهما من الأمور التي يدور فيها الحديث كل عام في موسم الحج (العشر الأوائل من ذي الحجة بالتأكيد)؛ لذلك قد أثرى الفقهاء المكتبة الإسلامية بالكثير من الفتاوى والآراء الصحيحة بالأدلة الأصولية، وفي هذا الموضوع على موقع صفحات سنتناول أقوال الفقهاء المسلمين في حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي الغير حاج.

حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

إذا ثبت دخول شهر ذي الحجة وأراد أحد المسلمين أن يضحي ونوى ذلك، فالأفضل ألا يقص شعره ولا يقص أظافره، ومباح له لبس الملابس الجديدة والتطيب ومباشرة الزوجة.

كما أن هذا الأمر تستوي فيه المرأة مع الرجل فإذا أرادت إحدى النساء المسلمات التضحية فيجب عليها من  بداية شهر ذي الحجة لاأألا تأخذ شيء من شعرها ولا تقص أظافرها.

يجدر الإشارة أن هذا الأمر ليس إحرام مثل فعل الحُجاج، فلا إحرام إلا لمناسك الحج والعمرة وأن المحرم له أحكام أخرى في الملبس والتطيب ومباشرة النساء وصيد البر…، بينما من لم يرد التضحية في ذلك العام ليس عليه شيء أن  يحلق شعره أو يقص أظافره، وقد ورد ذلك في فتاوى اللجنة الدائمة للفتوى (11/ 426، 427)

لكن هذا الأمر فيه تفصيل كبير قد تحدث فيه الفقهاء، وذلك على النحو التالي:

اقرأ أيضًا: حكم من حلف بالطلاق ثم أراد الرجوع عن يمينه

أراء الفقهاء في حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي

اختلف الفقهاء القدامى من ناحية وضع حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي تحت حكم واحد من الأحكام التكليفية الخمسة (فرض/ واجب، مستحب/ مندوب، مباح، مكروه، حرام) فمنهم من قال أنه فرض، ومنهم من قال أنه مستحب، والرأي الثالث قال أن الأخذ من الأظافر والشعر في تلك الفترة مكروه أو محرم، فقال:

  • ابن حزم الأندلسي رحمه الله في (المحلى في شرح المجلى بالحجج والآثار 6/3): “من أراد أن يضحي ففرض عليه إذا أهل هلال ذي الحجة أن لا يأخذ من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي، لا بحلق، ولا بقص ولا بغير ذلك، ومن لم يرد أن يضحي لم يلزمه ذلك”.
  • ابن قدامة في (المغني من مستودعات الفقه الحنبلي 9 / 346) قال: “… إذا ثبت هذا، فإنه يترك قطع الشعر وتقليم الأظفار، فإن فعل استغفر الله تعالى، ولا فدية فيه إجماعًا، سواء فعله عمدًا أو نسيانًا..”

فهذا الأثر يدل على أن من قص شعره في تلك الفترة رغم أنه ينوي أن يضحي فلا عليه شيء ولا عليه فدية وهذا بإجماع العلماء.

إلا أن الماوردي في (الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي) مجمل شرحه قد فصل أقوال الفقهاء عن حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي إلى ثلاث أقوال:

الرأي الأول

مذهب الإمام الشافعي رحمه الله ومن تبعه أن الأمر على الاستحباب، أي أنه مستحب للمضحي في تلك الفترة أن يقلع عن الحلاقة وقص الأظافر، وإذا قام بذلك فقد كره ذلك لكنه ليس محرم، واتبعوا في ذلك قول التابعي الجليل عالم أهل المدينة “سعيد بن الْمُسَيِّبِ”.

الرأي الثاني

إمام هذا الرأي هو الإمام “أحمد بن حنبل” واتبعه “إسحاق بن رهاويه” يرى إنه الأمر محمول على الوجوب؛ وعلى هذا من أخذ من شعره وأظافره وهو يريد التضحية فحرام عليه، وذلك لظاهر الدليل الفقهي (الحديث الشريف).

الرأي الثالث

أصحاب هذا الرأي هم الإمام “أبي حنيفة” والإمام “مالك” يرون أن الحكم ليس بسنة وغير مكروه أن يأخذ من أراد التضحية شيء من شعره أو أظافره لأنه محل (غير محرم) والمحل غير محرم عليه التطيب ومباشرة النساء ولبس المخيط….

دليل الفقهاء في الحكم

اتبع الفقهاء في بناء رأيهم في حكم الأخذ من الشعر والأظافر بالنسبة من أراد التضحية على حديث الرسول صلى الله عليه وسلم التي روته أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها أنه قال:

“مَن كانَ له ذِبْحٌ يَذْبَحُهُ فإذا أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ، فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ، ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا حتَّى يُضَحِّيَ” (صحيح مسلم 1977).

في هذا الحديث الشريف يقول الرسول صلى الله عليه وسلم:

  • “مَن كانَ له ذِبْحٌ” أي من كان يحضر أضحية سواء كانت كبش أو جمل أو بقرة…
  • “يَذْبَحُهُ” أي ينوي أن يذبحه في عيد الأضحى.
  • “أُهِلَّ هِلالُ ذِي الحِجَّةِ” أي دخل شهر ذي الحجة وتأكد ذلك برؤية الهلال.
  • “فلا يَأْخُذَنَّ مِن شَعْرِهِ” أي أنه لا يقص شيء من شعره سواء شعر الرأس أو اللحية أو شعر الجسم.
  • “ولا مِن أظْفارِهِ شيئًا” كذلك لا يقص أظافر يداه ولا قدمه.
  • “حتَّى يُضَحِّيَ” أي ينتهي هذا الأمر بمجرد ذبح الأضحية، ويمكن للمضحي حينها الحلاقة وقص الأظافر.

شاهد أيضًا: ما حكم امرأة خانت زوجها عن طريق الهاتف

الحكمة من المنع

بالطبع لا نعلم الحكمة المؤكدة من منع المضحي من الحلاقة وقص الأظافر، إلا أن بعض الفقهاء قد تراءى إلى قلوبهم:

  • احترامًا للأضحية والشعيرة.
  • أن يكون لغير المحرم نصيبًا من شعائر الإحرام.

بينما قال الإمام الشوكاني في (نيل الأوطار 5 / 133): “… والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء للعتق من النار، وقيل: للتشبه بالمحرم، حكى هذين الوجهين النووي وحكي عن أصحاب الشافعي أن الوجه الثاني غلط؛ لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم”.

بذلك نكون قد نقنا أقوال الفقهاء في حكم الإمساك عن الشعر والأظافر في عشر ذي الحجة للمضحي غير المحرم والأدلة الشرعية التي اعتمدوا عليها في قولهم هذا، وبعضًا مما ألهم به الله أنه حكمة المنع، ندعو الله أن يكون قد وفقنا إلى ما يحبه ويرضاه.