شرح حديث بني الاسلام على خمس

شرح حديث بني الاسلام على خمس الذي هو من أهم الأحاديث التي جاءت للتوضيح أصول الدين الإسلامي، حيث اشتمل على أركان الإسلام، التي يجب أن يعرفها ويتعلم أحكامها كل المسلمين، ومن خلال الجولة التي سيأخذكم بها موقع صفحات سنتعرف معًا على شرح حديث بني الاسلام على خمس في السطور التالية بالتفصيل، كما سنوضح أهم ما يرشد إليه الحديث النبوي الشريف.

شرح حديث بني الاسلام على خمس

إن هذا الحديث النبوي الشريف من الأحاديث الهامة جدًا في معرفة أصول الدين الإسلامي، ويجب على كل مسلم معرفته وتعلمه لأن العمل بما فيه هو من كمال إسلام المرء.

عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: “بُنِيَ الإسْلَامُ علَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أنْ لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وأنَّ مُحَمَّدًا رَسولُ اللَّهِ، وإقَامِ الصَّلَاةِ، وإيتَاءِ الزَّكَاةِ، والحَجِّ، وصَوْمِ رَمَضَانَ” رواه البخاري ومسلمٌ.

بين علماء الدين أن تمثيل الإسلام بالبنيان ودعائم البنيان لا يثبت إلا بها، وهو ما يبين أهمية ما جاء في الحديث من جوامع الكلام حيث جمع أركان الإسلام في لفظ بليغ وجيز، كما اشتمل على جوامع الأحكام، وما يعتمد عليه الدين الإسلامي ومجمع أركانه.

إن هذا الحديث ورد في حديث جبريل عليه السلام عندما جاء للرسول صلى الله عليه وسلم على هيئة رجل أعرابي وأخبره أنه جاء ليعلمهم دينهم، وفيما يلي نبين شرح الحديث.

شاهد أيضًا: فوائد قراءة سورة البقرة 7 أيام وبعض الأحاديث التي جائت عن فضلها

معاني ومفردات الحديث

لكي نتمكن من شرح حديث بني الاسلام على خمس لابد من فهم معاني المفردات التي جاءت في الحديث الشريف وهي كالتالي:

  • الإسلام: الانقياد والخضوع.
  • الصلاة: في اللغة هي الدعاء والاستغفار، ويعرفها علماء الشرع بأنها أقوال وأفعال مخصوصة، وتبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم.
  • إيتاء: إعطاء.
  • الزكاة: في اللغة النماء، وأما في الشرع فهي حق واجب في مال خاص لطائفة مخصوصة في مال مخصوص.
  • الصوم: في اللغة يعني الكف والامتناع والترك، وفي الشرع الإمساك بنية عن أشياء مخصوصة من شخص معين في زمن معين وبشروط خاصة.
  • الحج: في اللغة هو القصد، وفي الشرع هو قصد بيت الله الحرام لأداء النسك.

بعد توضيح معنى المفردات الهامة في الحديث نبين الشرح التفصيلي للحديث.

اقرأ أيضًا: أحاديث نبوية عن الصدقة

أركان الإسلام الخمسة

شبه الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الإسلام بالبيت المكتمل البناء بأركانه كذلك الإسلام يكتمل بأداء عباداته من الفروض التي هي أركانه، ويكتمل إسلام المرء بها وينقص إسلامه وينهدم بدونها.

إن هذا البناء المعنوي شبهه الرسول صلى الله عليه وسلم بالبناء الحسي، ووجه الشبه أن البناء الحسي وهو البيت إذا فقد أحد أركانه ينهدم كذلك البناء المعنوي الذي يتمثل في الإسلام.

شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله

الركن الأول من هذا البناء العظيم هو أن يقر المسلم بلسانه وقلبه أن لا معبود إلا الله سبحانه، وأن يقر المسلم بلسانه وقلبه أيضًا أن محمدًا عبد الله ورسوله الذي أرسله إلى جميع الخلق، حيث قال -تعالى- في سورة الأعراف الآية 158.

بسم الله الرحمن الرحيم:﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ صدق الله العظيم.

يلزم على المسلم ليكمل إسلامه أن يصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقواله، ويتبع ما أمر به ويجتنب ما نهى عنه، وأن عبادة الله تتم وفقًا لما أمرنا به رسوله، وأن الرسول لا يكذب ولا يملك لنفسه ولا لغيره نفع ولا ضرر إلا ما شاء الله به.

إقامة الصلاة

الركن الثاني في هذا البناء العظيم هو إقام الصلاة، وإقام الصلاة هو المحافظة عليها في أوقاتها مع جماعة المسلمين، فقد قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا﴾ [النساء: 103]، وكتابًا موقوتًا أي مكتوبًا مفروضًا بمواقيته.

جاء عن الصلاة الحديث الذي رواه جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((بين الرجل وبين الكفر والشرك: ترك الصلاة)).

إيتاء الزكاة

الركن الثالث في هذا البناء العظيم هو إيتاء الزكاة، أي إعطاء حق واجب في أموالكم إلى أهلها ومستحقيها وفي الحديث الذي رواه مسلم:

((ما من صاحب ذهبٍ ولا فضةٍ، لا يؤدي منها حقها، إلا إذا كان يوم القيامة، صفحت له صفائح من نارٍ، فأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت له، في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنةٍ، حتى يقضى بين العباد، فيرى سبيله، إما إلى الجنة، وإما إلى النار)).

حج البيت

الركن الرابع في بناء الإسلام هو حج البيت، وحج بيت الله الحرام هو فريضة على كل مسلم عاقل بالغ حر مستطيع، والصحيح عند كثير من العلماء أنه واجب على الفور أي إذا توفرت كل أسباب الاستطاعة وجب أداؤه.

صوم رمضان

الركن الخامس من أركان الإسلام هو صوم رمضان، وصوم رمضان يكون بالإمساك عن المفطرات من الفجر إلى غروب الشمس.

قال النووي رحمه الله: هكذا جاء في هذه الرواية بتقديم الحج على الصوم، وهذا من باب الترتيب في الذكر دون الحكم؛ لأن صوم رمضان وجب قبل الحج، وقد جاء في الرواية الأخرى تقديم الصوم على الحج، ومما سبق يتضح شرح حديث بني الإسلام على خمس.

ما يرشد إليه الحديث

من خلال شرح الحديث يتضح ما يرشدنا إليه حديث الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أن الإسلام له خمسة أركان أساسية ذكرها الرسول دون غيرها من خصال الإسلام للتأكيد على أهميتها وضرورة اتباعها.

من التزم بأركان الإسلام الخمسة صار من أهل الإسلام، والذي لا يتبع أركان الإسلام الخمسة فليس من الإسلام بالإجماع، وهذا أهم ما اتضح من شرح الحديث.

بعض المسائل الهامة

بين علماء الدين في شرح حديث بني الإسلام على خمس بعض المسائل الهامة التي يجب معرفتها، وهي كالتالي:

  • إن الدين الإسلامي لا يقتصر على هذه الأمور الخمسة بل يشمل أعمالًا وعبادات وشعبًا كثيرة جدًا، ولكن جاء التخصيص لذكر هذه العبادات الخمسة لأنها دعائم بنيان الإسلام التي لا يجب ان تزول أو تنقص.
  • أوضح العلماء خلال شرح الحديث أن شهادة (أن لا إله إلا الله) لا تتحقق إلا بركنين أساسيين الركن الأول منهما يتمثل في نفي الألوهية والعبادة عن غير الله من آلهة وأنداد وطواغيت من شجر وحجر وملوك وجن وولي وغيره.

أما الركن الثاني فهو إثبات الألوهية والعبادة لله دون ما سواه، وبقول محمدًا رسول الله فذلك يقتضي تصديقه وطاعته، والشهادتين لا تصح بالنية فقط ولكن لا بد أن تقترن نية القلب والتلفظ بالسان مع العمل بما تقتضي.

  • أوضح العلماء في شرح حديث بني الإسلام على خمس أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يذكر الجهاد في سبيل الله بالرغم من ذكره في آيات كثيرة من القرآن الكريم وفي أحاديث نبوية شريفة أيضًا، وسبب ذلك كما بينه العلماء أن الجهاد في سبيل الله من فروض الكفاية عند أكثر العلماء بخلاف سائر الأركان، وكذلك لأن الجهاد في سبيل الله على قول أهل العلم لا يستمر إلى آخر الزمن بعد نزول عيسى عليه السلام، والله أعلم.

شاهد أيضًا: مواقيت الصلاة في المملكة العربية السعودية

بعض الأحكام الهامة المتعلقة بالحديث

من خلال شرح حديث بني الإسلام على خمس يتضح بعض الأحكام الهامة، والتي ذكرها العلماء في أثناء الشرح، حيث اتفق جمهور العلماء على أن من لم يأت بالشهادتين بقلبه ولسانه فهو ليس مسلمًا، أما بقية الأركان من صلاة وزكاة وصوم وحج، فهو كما يلي:

  • إن كان تركه شيئا منها جحودًا أو إنكارًا أو استحلالًا أو استخفافًا فهو ليس مسلماً بالإجماع، أما من كان تركه كسلًا ففيه خلاف بين العلماء، فمنهم من يرى كفره ومنهم من يرى عدم كفره فهو يضع نفسه في موقف شديد الخطورة أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة.
  • استدل العلماء على ما سبق في شأن الصلاة والزكاة والحج بقول الله تعالى: ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ﴾، [التوبة: 11].

كما قول -تعالى-، بسم الله الرحمن الرحيم: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ﴾ [آل عمران: 97].

  • أما الأحاديث النبوية الشريفة التي استدلوا بها، فمنها الحديث الذي رواه مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة).
  • روى الإمام أحمد بسند صحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم انه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، كما قال عمر رضي الله عنه: (لا حظ في الإسلام لمن تركا لصلاة).
  • لكن الفريق الآخر من العلماء يرون أن هناك فرق بين ترك أركان الإسلام إنكارا وجحودًا ومن تركها تكاسلًا، مع تبيينهم أن الترك تكاسلًا جرم عظيم قد يؤدي بصاحبه إلى وقوع غضب الله عليه ودخول النار إن لم يرجع ويتوب ويؤدي ما عليه من الفرائض، والله أعلم.
  • إذا تعارض الحج والنكاح بين العلماء أن المسلم إذا لم يخف من الفجور والزنا كان عليه أن يقدم الحج، أما عن خوف المسلم على نفسه من الوقوع الزنا كان تقديم النكاح أولى له، والله أعلم.

شاهد أيضًا: فضل قراءة سورة الملك قبل النوم وأوقات قراءتها

إن شرح حديث بني الإسلام على خمس من الشروح الهامة التي ذكرها أهل العلم في كتبهم لأن هذا الحديث من أصول الإسلام التي لا بد أن يعرفها ويتعلمها كل من انتسب لهذا الدين الحنيف، وعند شرح الحديث لابد من توضيح أهم الأحكام التي تظهره وبعض المسائل الهامة التي يجب الوقوف عليها ومعرفتها.