ما حكم امرأة خانت زوجها عن طريق الهاتف
ما حكم امرأة خانت زوجها عن طريق الهاتف؟ وما حكم إمساكها دون طلاق والتستر عليها؟.. من الأحكام الشرعية الي استجدت في وقتنا الحاضر بعد انتشار وسائل التواصل والهواتف، فتلك من أكبر الآفات التي أصابت مجتمعنا الإسلامي ففيه اعتداء على حق العلاقة الزوجية كلها وتخرج المرأة بذلك عن قول الله تعالى في سورة النساء: “… فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِّلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ …”، في هذا الموضوع على موقع صفحات سنتناول أقوال الفقهاء المسلمين في إجابة سؤال ما حكم امرأة خانت زوجها في الهاتف.
ما حكم امرأة خانت زوجها عن طريق الهاتف
قد أجابت دار الإفتاء الأردنية على سؤال بمعنى ما حكم امرأة خانت زوجها من خلال الهاتف في الفتوى رقم 867 في 25/ 07/ 2010، وقالوا بعد الصلاة والسلام على النبي العدنان، وتوضيح حجم تلك الجريمة وتداعياتها على البناء الأسري للأسرة المسلمة
إن هذه الخطوة من خطوات الشيطان التي حذرنا منها الرحمن في قوله:
“يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۚ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَىٰ مِنكُم مِّنْ أَحَدٍ أَبَدًا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” (النور 21).
ثم قامت الدار بتقديم النصيحة إلى كل ولي أم (أب، زوج، …) أتباع الطرق السلمية في بداية الأمر من النصح والإرشاد بالحسنى، واتباع كل السبل الممكنة لمنع تلك الفاحشة قُبيل حصولها، مع الصبر على حرقة الغيرة في القلب، ومن ثم استعمال أساليب الترهيب إن لم ينفلع الطريق الأولى بالقدر الذي يُقيم المعوج ويصلح الفساد.
فإن لم تفلح الطرق الودية فلا سبيل إلا بالطلاق، ولا حرج على الرجل في اتباع طريق الطلاق مع الزوجة التي أتت بتلك الفواحش، مع تقديم للمرأة ما تبقى لها من المهر إذا كان لها.
بينما أكدت دار الإفتاء الأردنية في فتواها أن الطلاق للمرأة تلك لا يعتبر ظلمًا لها خاصة بعد اتباع الطرق السلمية، فهذا الطلاق يعتبر واقع لعذر شرعي، ولمن استند على الشرع في أفعاله فقد سلم.
بل ورد في (تحفة المحتاج في شرح المنهاج 8/2) أن الفقهاء قد نصوا على أن طلاق الزوجة غير العفيفة مستحب.
شاهد أيضًا: ما حكم من اخذ من شعره وهو يريد ان يضحي بأدلة الفقهاء
حكم طلاق الزوجة غير العفيفة
قد أجمع الفقهاء على أن طلاق المرأة غير العفيفة واجب، ففي (المغني من مستودعات الفقه الحنبلي) تناول قدامة بن جعفر أقسام الطلاق من حيث الأحكام التكليفية الخمسة (فرض/ واجب، مستحب/ مندوب، مباح، مكروه، حرام) فقال عن القسم الرابع: ” والرابع: مندوب إليه، وهو عند تفريط المرأة في حقوق الله الواجبة عليها مثل الصلاة ونحوها ولا يمكنه إجبارها عليها، أو تكون له امرأة غير عفيفة، قال أحمد: لا ينبغي له إمساكها، وذلك لأن فيه نقصا لدينه، ولا يأمن إفسادها لفراشه … ويحتمل أن الطلاق في هذين الموضعين واجب”
الستر على الزوجة غير العفيفة
في كل كتب الفقه قد أردف الفقهاء الحديث عن الزوجة غير العفيفة وكم طلاقها أو إمساكها بأنه يجب على الزوج التستر عليها وإن طلقها يطلها دون إبداء السبب وذلك لعدة أسباب مثل:
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه وعن أبيه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ” ومن سترَ على مسلمٍ سترهُ اللهُ يومَ القيامةِ” (السنن الصغرى للبيهقي 348/3)
- أن هذه الفاحشة ستظل في ألسن الناس وقد تلحق الأذى بالأطفال خاصة إذا كان الأطفال إناث
قال ابن عبد البر في (موطأ الإمام مالك): “… فيه أيضا ما يدل على أن الستر واجب على المسلم في خاصة نفسه إذا أتى فاحشة، وواجب ذلك عليه أيضا في غيره…”.
البقاء على الزوجة غير العفيفة ليس من الدياثة
يرى الفقهاء أن إمساك الزوجة التي كانت غير عفيفة إذا تابت إلى الله وأصلحت وحسنت توبتها مع الندم أشد الندم على أفعالها هذه والعزم الصادق على عدم العودة إليها مرة أخرى؛ فللزوج أن يعود إلى قديم عهده معها.
لا يعتبر ذلك الرجل ديوثًا الذي ذُكر في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: ” ثلاثةٌ لا ينظرُ اللَّهُ عزَّ وجلَّ إليهم يومَ القيامةِ ؛ العاقُّ لوالِدَيهِ، والمرأةُ المترجِّلةُ ، والدَّيُّوثُ، وثلاثةٌ لا يدخُلونَ الجنَّةَ: العاقُّ لوالِدَيهِ، والمدمِنُ على الخمرِ، والمنَّانُ بما أعطى” (صحيح النسائي 2562).
قال محمد المناوي في (فيض القدير: شرح الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير): “(والديوث) فيعول من ديَّثت البعير إذا دللته ولينته بالرياضة فكأن الديوث ذلل حتى رأى المنكر بأهله فلا يغيره” وقال في موضع آخر: “… فمن كان يظن بأهله الفاحشة ويتغافل لمحبته فيها فهو دون من يعرس عليها، ولا خير فيمن لا غيرة فيه”.
بينم شدد الفقهاء على اتباع العقل وعدم الانسياق وراء الأوهام والشكوك التي يُقعها الشيطان في القلوب.
حديث امرأتي لا تمنع يد لامس
يستند الفقهاء المحدثين في إجابتهم على سؤال ما حكم امرأة خانت زوجها في الهاتف وأحكام القدماء السابق ذكرها إلى عدة أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أهمها ما رواه عبد الله بن عباس قال:
“جاءَ رجلٌ إلى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ فقالَ: إنَّ امرَأتي لَا تَمنعُ يدَ لامِسٍ قالَ: غرِّبْها قالَ: أخافُ أن تتبعَها نَفسي قالَ : فاستَمتِعْ بِها” (صحيح أبي داود 2049).
في هذا الحديث الشريف يروي لنا عبد الله بن عباس أحدى المواقف التي حدثت مع النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما أتاه رجل مستفسرًا ويشكو إليه زوجته فقال:
- “إنَّ امرَأتي لَا تَمنعُ يدَ لامِسٍ” أي أنه يرتاب في سلوكها، وأنها تطاوع من يريدها في الفاحشة ولا تصد أحد، وقيل في بعض كتب تفسير الحديث أنها تجيب من أراد من المال ولا تحفظ مال زوجها، والرأي الأول يدل عليه قوله (لامس).
رد عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:
- ” غرِّبْها” أي أبعدها عنك وطلقها، والاصل في الغرب هو البعد
رد عليه الرجل:
- “أخافُ أن تتبعَها نَفسي” أي أنه لا يقدر على مفارقتها وأنه يحبها ويصعب عليه تطليقها
فنصحه الرسول بقوله:
- “فاستَمتِعْ بِها” أي انتفع بها بقدر حاجتك وما تفضي إليه متعة الرجل من المرأة.
فنرى أن النبي صلى الله عليه وسلم قد خشى على الرجل إذا أمره وأوجب عليه تطليقها أن يشتاق إليها ويقع فيما حرمه الله معها.
التعليق على الحديث الشريف
نرى في هذا الحديث أن الرجل بدأ كلامه بأسلوب كناية وكان رد الرسول صلى الله عليه بنفس أسلوب الكناية البليغ ذلك لعدم الحديث في هذه الأمور الحساسة التي قد توجب قذف المحصنات أو اللعان بين الزوجين.
فالرجل قد أشار إلى أن زوجته لا تذهب إلى الحرام هي فقط لا تمنع يد من يحاول لمسها، كذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال له غربها وهذا اللفظ يحمل معنى البعد صراحتًا وفي الكناية يحمل معنى الطلاق فلا يكون أمر مباشر إذا قال له: “طلقها”
كذلك كان رد الرجل أنه قد تذهب نفسه ورائها إذا أبعدها وهذا يوحي بشدة حبه لها وعدم مقدرته على فراقها.
في الحديث تأصيل لقاعدة فقهية مهمة هي: ” فعُ الضَّرَرِ المُتحَقَّقِ بارْتِكابِ الضَّرَرِ المُتوَهَّمِ” والإرشاد بطلاق المرأة المرتاب فيها والحث الشديد على اختيار الزوجة الصالحة حتى لا يقع الرجل في مثل هذا الموقف.
شاهد أيضًا: حكم خروج الزوجة وهي في بيت ابيها اثناء الخلاف مع الزوج
بذلك نكون قد تناولنا أقوال الفقهاء في إجابة سؤال ما حكم امرأة خانت زوجها عن طريق الهاتف وأقوالهم في التستر عليها وعدم فضحها وحكم تطليقها والأدلة الفقهية التي استندوا عليها في حكمهم، ندعو الله أن يكون قد وفقنا لما يحبه ويرضاه.