من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء

من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء وكيف حدث ذلك؟ تُعتبر هذه الأسئلة من المعلومات الدينية الشائقة التي اشتركت فيها الثلاث ديانات السماوية، فنجد ذكره في العهد القديم وفي القرآن الكريم وفي الحديث النبوي، بل وجد في أكثر من حضارة إنسانية بأكثر من اسم، كما تناقلت قصصه كتب الإسرائيليات بكثرة، وفي الموضوع التالي المقدم لكم من موقع صفحات سوف نتناول أقوال المؤرخين المسلمين في إجابة سؤال من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء.

من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء

من ضروريات الإيمان في الدين الإسلامي الإيمان بالرسل فقال الله تعالى في محكم التنزيل: “آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ۚ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ ۚ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا ۖ غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ” (البقرة 285)، فالمسلم يؤمن بكل رسل الله تعالى سواء يعرفهم أم لا، والمقصود بالنبي الذي قبض روحه في السماء هو نبي الله إدريس عليه السلام، وتفصيل ذلك على النحو التالي:

أنبياء رفعوا إلى السماء

في العقيدة الإسلامية هناك نبيان لم يقبض ملك الموت أرواحهم على الأرض هم:

نبي الله عيسى ابن مريم عليه السلام، كما قال الله تعالى: “إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَىٰ إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ۖ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ” (آل عمران 55).

كما في سورة النساء قال الله تعالى:

“وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلَىٰ مَرْيَمَ بُهْتَانًا عَظِيمًا (156) وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ۚ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ ۚ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ ۚ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَل رَّفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (158) وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا (159)”

هذا دليل على أن نبي الله عيسى عليه السلام لم يمت وإنما رفعه الله إليه، لكنه لم يتوفاه وسيرجع في آخر الزمان إذًا ليس هو المقصود بالسؤال.

النبي الآخر هو نبي الله إدريس عليه السلام وقد حكى الله عنه في سورة مريم أنه رُفع فقال: ” وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ ۚ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا (57)”

قد ورد في تفسير ابن كثير قصة مطولة عن قبض روح سيدنا إدريس إنه تم في السماء الرابعة، وعلى هذا فإن إجابة السؤال من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء يكون نبي الله إدريس عليه السلام.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته

تحقيق قصة موت إدريس عليه السلام

القصة التالية ذكرها ليس مثبت على لسان النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها وردت في كتب الإسرائيليات التي لا ننكر ما أتى فيها ولا يخالف شريعتنا وكذلك لا نصدقه ونؤمن به إيمان تام.

كما ورد عن قصة سيدنا إدريس ورفعه إلى السماء قبل موته خبر عن ابن عباس رضي الله عنه في حوار مع كعب.

فقال ابن حجر في (فتح الباري بشرح صحيح البخاري 433/6): ” … وكون إدريس رفع وهو حي لم يثبت من طريق مرفوعة قوية … “.

كما أنه نقل رواية للطبري لحوار بين كعب و ابن عباس قال فيه كعب: ” أن إدريس سأل صديقا له من الملائكة فحمله بين جناحيه، ثم صعد به، فلما كان في السماء الرابعة تلقاه ملك الموت، فقال له: أريد أن تعلمني كم بقي من أجل إدريس؟ قال: وأين إدريس؟ قال: هو معي، فقال: إن هذا لشيء عجيب أمرت بأن أقبض روحه في السماء الرابعة، فقلت: كيف ذلك وهو في الأرض؟ فقبض روحه”.

أي أن ملك الموت تعجب كيف سيقبض روح النبي إدريس عليه السلام في السماء الرابعة وكيف سيحدث ذلك ولم يكن يعلم أن إدريس هو من سيصعد له.

لكن نكرر أن تلك القصة من الإسرائيليات الله أعلم إذا كانت صحيحة أم لا.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي تسلم عليه الملائكة

سيدنا إدريس في الإسراء والمعراج

كما أنه في الحديث الطويل عن قصة الإسراء والمعراج الذي رواه أنس ابن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “… ثم عُرِجَ بنا إلى السَّماءِ الرَّابِعَةِ، فاسْتَفْتَحَ جِبريلُ، فقيل: مَنْ هذا؟ قال: جِبريلُ، قيل: وَمَنْ مَعَك؟ قال: مُحَمَّدٌ، قيل: وَقَدْ بُعِثَ إليه؟ قال: قَدْ بُعِثَ إليه، ففَتَحَ لنا، فإذا أنا بإِدْريسَ، فرَحَّبَ بي، وَدَعا لِيَ بِخَيْرٍ، قال اللهُ تَعالى: {وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا} …” (صحيح مسلم 162)

لكن في التعليق على هذا الحديث قال ابن تيمية:

“… أَمَّا رُؤْيَتُهُ وَرُؤْيَةُ غَيْرِهِ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ لَيْلَةَ الْمِعْرَاجِ فِي السَّمَاءِ لَمَّا رَأَى آدَمَ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا وَرَأَى يَحْيَى وَعِيسَى فِي السَّمَاءِ الثَّانِيَةِ وَيُوسُفَ فِي الثَّالِثَةِ وَإِدْرِيسَ فِي الرَّابِعَةِ وَهَارُونَ فِي الْخَامِسَةِ وَمُوسَى فِي السَّادِسَةِ وَإِبْرَاهِيمَ فِي السَّابِعَةِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهَذَا رَأَى أَرْوَاحَهُمْ مُصَوَّرَةً فِي صُوَرِ أَبْدَانِهِمْ …” (مجموعُ الفتاوىٰ).

فهذا يؤكد أنه كان قد قبض روحه مثله مثل باقي الأنبياء في ذاك الحين.

بذلك نكون قد نقلنا لكم أقوال الفقهاء والمؤرخين المسلمين عن إجابة سؤال من هو النبي الذي قبضت روحه في السماء، كما تناولنا قصة قبض روحه في الإسرائيليات، وأيضًا ذكر ذلك في حديث الإسراء والمعراج، والله أعلى وأعلم.