من هو النبي دانيال وقصته مع الأسدين بالروايات المختلفة

من هو النبي دانيال الذي يحمل اسمه أحد أهم شوارع مدينة الإسكندرية في جمهورية مصر العربية، ذلك الشارع الذي يُعتبر أقدم شوارع العالم وأكبر الأسواق المفتوحة وأيقونة بيع الكتب مثله مثل شارع المتنبي في العراق، وهل النبي دنيال أحد أنبياء بني إسرائيل أم أحد الصوفية الصالحين، وهل يصح أنه دُفن بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، ففي هذا الموضوع على موقع صفحات سنتناول القول الأصح من كتب التاريخ في السؤال من هو النبي دانيال وما يتعلق به من أخبار.

من هو النبي دانيال

الباحث عن إجابة وافية للسؤال من هو النبي دانيال سيجد أكبر شتات قد يقابله باحث، ذلك لأن المصادر الواحدة تثبت الكلام وعكسه، فمثلًا نجد في العهد القديم أنه نبي يهودي من سبط يهوزا، بينما نجد أن الكنيسة الكاثوليكية والكنيسة الأرثوذكسية، تحتفل بذكرى ميلاده في شهري يوليو وديسمبر (حسب اعتقاد كل كنيسة)، كما في أسفار العهد القديم “دنيال” هو قاضٍ، وأيضًا شاب يهودي صالح، وفي سفر دانيال 1: 6 نجده أحد الأنبياء الأربع الكبار.

فمن هو النبي دانيال بحق!؟ فمن هو الذي نرى قبره في شارع الأسرار الذي يحمل اسمه.. سنحاول معرفة ذلك في السطور الآتية..

النبي دنيال نبي من بني إسرائيل

يرى بعض المؤرخين المسلمين أن النبي “دنيال” عليه السلام أحد أنبياء بني إسرائيل، أرسله الله تعالى في زمن الحاكم “بختنصر” الملك الذي خرب مدينة بيت المقدس وقتل بني إسرائيل، وقالوا إنه قد بشر برسالة النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام، فنجد شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه (الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح5/ 275-281) يقول:

“… وقَالَ دَانْيَالُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ـ وَذَكَرَ مُحَمَّدًا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمِهِ ـ فَقَالَ: ” سَتَنْزِعُ فِي قَسِيِّكَ إِغْرَاقًا، وَتَرْتَوِي السِّهَامُ بِأَمْرِكَ يَا مُحَمَّدُ ارْتِوَاءً … ”

أيضًا في نفس المصدر السابق ذكره قال شيخ الإسلام بشارة النبي دنيال عليه السلام بسيدنا عيسى ابن مريم عليه السلام وسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيقول:

“… فَهَذِهِ نُبُوَّةُ دَانْيَالَ فِيهَا الْبِشَارَةُ بِالْمَسِيحِ، وَالْبِشَارَةُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَفِيهَا مِنْ وَصْفِ مُحَمَّدٍ وَأُمَّتِهِ بِالتَّفْصِيلِ مَا يَطُولُ وَصْفُهُ … وَقَدْ قَرَأَهَا الْمُسْلِمُونَ لَمَّا فَتَحُوا الْعِرَاقَ … ”

كما أنه في التاريخ الصحيح أن المسلمين عندما فتحوا مدينة “تستر” عثروا على تابوت النبي دنيال عليه السلام فأمرهم أمير المؤمنين الفاروق عمر أن يدفنوه وأن يزيلوا معالم القبر حتى لا يتخذه الناس مزار ويفتنون به.

قد ورد ذلك في “البداية والنهاية (2/379)” رواية عن أَبِي الزِّنَادِ عن هذه القصة، وروى البيهقي في كتابه (دلائل النبوة ومعرفة أحوال صاحب الشريعة1/ 381) رواية عن تلك الواقعة.

كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية في (مجموع الفتاوى15/ 154): “وَلَمَّا ظَهَرَ قَبْرُ دَانْيَالَ بتستر كَتَبَ فِيهِ أَبُو مُوسَى إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – فَكَتَبَ إلَيْهِ عُمَرُ: إذَا كَانَ بِالنَّهَارِ فَاحْفِرْ ثَلَاثَةَ عَشَرَ قَبْرًا، ثُمَّ ادْفِنْهُ بِاللَّيْلِ فِي وَاحِدٍ مِنْهَا، وَعَفِّرْ قَبْرَهُ، لِئَلَّا يَفْتَتِنَ بِهِ النَّاسُ”.

فهذه قصة دفن النبي دنيال بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم المشهورة بين العامة والخاصة.

اقرأ أيضًا: من هو الصحابي الذي حج سرا

النبي دنيال أحد الصالحين من الصوفية

يرى البعض أن النبي دنيال المدفون في المسجد الواقع بمدينة الإسكندرية ليس أحد الأنبياء، بل هو شيخ طريقة صوفي اسمه: “محمد دنيال الموصلي”، وكان عادته مثل عادة أهل الصوفية والحياة في المدن الساحلية مثل:

  • أبي العطاء السكندري.
  • العباس أبو المرسي (المشهور بالمرسي أبو العباس).
  • أبو إسحاق جابر الأنصاري (سيدي جابر).
  • بشر بن الحسين بن محمد بن عبيد الله (سيدي بشر).

بجانب عدد كبير من المشايخ الصوفية الكبار، وكانوا يسمون الإسكندرية الثُغر (بضم الثاء أي جمع ثَغر)، ولما مات محمد بن دنيال الموصلي دفن في المسجد المقام إلى الآن؛ وبعدها حدث لبس لدى العامة بين محمد بن دنيال الموصلي والنبي دنيال المذكور في التوراة.

نقذ رأي أن النبي دنيال أحد الصالحين

إلا أن الرأي القائل بأن المدفون في قبر النبي دنيال ليس هو الشيخ محمد بن دنيال الموصلي هو رأي الأثرين، ذلك لأن القبر موجه إلى أتجاه المشرق والقبلة في مدينة الإسكندرية إلى اتجاه الجنوب الشرقي، والمسلمون يوجهون القبور إلى القبلة، إذًا المدفون ليس الشيخ محمد بن دنيال الموصلي.

يضيف أصحاب هذا الرأي أن أهل الكتاب يدفنون موتاهم ناحية الشرق وهذا يؤكد أن المدفون هو النبي دنيال المذكور في عقيدة أهل الكتاب (العهد القديم).

مما لا شك فيه أن تاريخ الشارع المسمى على اسم النبي دنيال في قلب الإسكندرية القديمة والهالة الأسطورية التي خلقتها أذهان العامة من اختفاء الناس به، وانشقاق الأرض وبلع عروس بها، والصهاريج التي تمتد تحته… قد أضافت إلى الحكي عن النبي دنيال صفات أسطورية.

شاهد أيضًا: من هو الصحابي الذي اهتز عرش الرحمن لموته

قصة النبي دنيال مع الأسدين

بعد أن تناول أقوال المؤرخين والعلماء  للإجابة عن سؤال من هو النبي دانيال يحتم علينا ذكر القصة الشهيرة لكرامته مع الأسدين؛ إلا أن هذه القصة لم ترد إلا في الإسرائيليات ونحن لا نكذب هذه الروايات ولا نصدقها (إذا لم تخالف الشريعة الإسلامية).

بالبحث عن هذه القصة في كتب الإسرائيليات نجد أن هناك روايتين هما:

الرواية الأولى

خالص القصة أن النبي دنيال عليه السلام عندما طفق يدعو الناس إلى عبادة الله تعالى وحده واتباع مكارم الأخلاق قبض عليه بختنصر الملك في ذاك الحين ورماه إلى أسدين في جب (بئر قديم) إلا أن الأسدين لم يهجما عليه وظلا يتمسحان به ويلعقانه، وكان الله يرسل له ما يشتهي من الطعام في محبسه.

الرواية الثانية

خالص تلك القصة أن الملك بختنصر قبل ميلاد النبي دنيال قد رأى حلم قد فسره المنجمون أن أحد الأطفال سوف يولد هذا العام ويتسبب في ذهاب ملكه، فأمر الملك بقتل كل الرضع المولودين في هذا العام.

فعندما أخذ رجال الملك بختنصر الرضيع دنيال من أمه وألقياه إلى أسدين لم يهجما عليه وظلا يدفئانه ويحميانه حتى أتت أمه وأخذته، وقام علماء هذه المدينة بنقش ذلك المشهد على الخواتم حتى لا ينسون تلك المعجزة.

كما ذكرنا أن هذه الروايات من الإسرائيليات فالله وحده أعلم بصحتها ولا يمكننا تكذيبها.

بذلك نكون قد نقلنا أشهر الأقوال في إجابة السؤال من هو النبي دانيال وتفصيل القول في مسألة دفنه بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما تناولنا أقوال العلماء وأدلتهم في ماهية المدفون في قبر النبي دنيال في مدينة الإسكندرية في مصر، ندعو الله أن يكون قد وفقنا لما يحبه ويرضاه.